نظرة واقعية على الروتين الصباحي لراكبي الدراجات في السعودية
في المملكة العربية السعودية، تشرق الشمس مبكرًا وراكبو الدراجات يسبقونها في الاستيقاظ. بينما لا يزال معظم الناس يغطّون في نومهم، يطفئون المنبه للمرة الخامسة، ويتشبثون بالوسادة، هناك مجموعة من الرجال والنساء قد ارتدوا أحذيتهم بالفعل وبدؤوا في فحص ضغط الإطارات.
ثقافة ركوب الدراجات في السعودية تنمو بسرعة. عدد متزايد من الناس ينضمون إلى الأندية، يشترون المعدات، ويبحثون عن دفعة صباحية من النشاط.
لكن ماذا يحدث خلف الكواليس؟ ما هو الروتين المعتاد الذي يتّبعه راكب الدراجة السعودي كل صباح؟
لنغص في التفاصيل… من لحظة سماع المنبه حتى أول ضغطة على الدواسة.
1. المنبّه يرن: الانضباط قبل الراحة
راكب الدراجة السعودي لا يستيقظ لأنه مضطر، بل لأنه يريد ذلك. في حدود الساعة 5:00–5:30 صباحًا (وأحيانًا أبكر في الصيف)، يبدأ يومه.
دائمًا ما يكون هناك لحظة تردد. الجو هادئ، والجو منعش، والفراش دافئ. لكن في داخله، يعرف كل راكب أن: كلما بدأت أبكر، كلما كانت التجربة أفضل. فينهض. بدون أعذار. فقط التزام.
وإذا كان اليوم موعد ركوب جماعي، فالتأخر سيجعل الفريق في الانتظار وهذا كافٍ لأن يجعله يقفز من السرير.
2. القهوة أولًا... دائمًا
ما في صباح سعودي من غير قهوة، وبالنسبة للدراجين، هي طقس روحي ووقود بدني في آنٍ واحد. غالبًا يكتفون بشرب إسبرسو أو كوب صغير من القهوة السوداء دون إفراط في الفطور.
الجسم لا يزال يستيقظ، لكن الذهن بدأ بالعمل ليفكروا في:
- ما هي مسافة اليوم؟
- كيف تبدو الرياح؟
- هل سترتفع الحرارة إلى 40° مئوية بحلول التاسعة صباحًا؟
- هل هناك رياح رملية أو رطوبة عالية؟
الأمر ليس وسواسًا، بل تحضير مدروس. ففي بلد مثل السعودية، التغيرات الجوية السريعة تجعل ركوب الدراجة لعبة استراتيجية بقدر ما هي رياضة بدنية.

3. فحص سريع للمعدات
قبل الخروج، يقوم معظم الدراجين بما يُشبه “فحص ما قبل الإقلاع”. ليس لأنه روتين فحسب بل لأنها فحوصات أساسية قبل الانطلاق. عطل بسيط في منتصف الطريق قد يُفسد صباحًا كاملًا.
يشمل هذا الفحص:
- ضغط الإطارات
- استجابة الفرامل
- تزييت السلسلة
- نظافة نظام النقل
- شحن الأنوار (خاصة إن كان الجو لا يزال مظلمًا)
- التأكد من جاهزية عداد الطاقة أو جهاز GPS
البعض قد يدور حول البيت دقيقة واحدة فقط ليشعر إن كانت الدراجة جاهزة. آخر شيء تريده هو اكتشاف مشكلة بعد 10 كم في قلب الصحراء.
4. تغذية خفيفة

بعكس من يذهب إلى النادي ويأكل فطورًا كاملاً قبل التمارين، يولي راكبو الدراجات في السعودية أهمية كبيرة للتغذية، وخصوصًا قبل الركوب، حيث يفضلون الأكل الخفيف. السبب؟ ركوب الدراجة ببطن ممتلئة غير مريح، خاصة في الحر.
غالبًا ما يكتفون بـ:
- موزة
- تمرة
- جل طاقة
وإذا كانت الرحلة طويلة (أكثر من 60 كم)، قد يضيف قطعة توست صغيرة أو بار طاقة.
أما الماء؟ يبدأ مبكرًا. كوب ماء مضاف له إلكترولايت يساعد في الوقاية من الجفاف حتى قبل أن يبدأ.
5. اللبس حسب الطقس
صباح السعودية قد يخدعك. في الخامسة والنصف قد يكون الجو لطيفًا، لكن بحلول السابعة والنصف، تبدأ الحرارة في الارتفاع.
لذلك، اختيار اللبس مهم جدًا:
- قمصان خفيفة بمواد قابلة للتنفس
- شورت مبطّن لراحة الجلوس
- أكمام حماية من الشمس (اختيارية)
- نظارات دراجة (لأشعة الشمس والغبار أيضًا)
- خوذة خفيفة بفتحات تهوية فعّالة
المهم أنهم لا يلبسون بناءً على برودة البداية… بل بناءً على سخونة النهاية.

6. دردشة المجموعة: من جاء؟ ومن تأخر؟
الكثير من الدراجين يتواصلون مع مجموعاتهم قبل الخروج. التواصل هنا جزء من الطقس الصباحي سواء من خلال جروب واتساب للفريق، أو من على استرافا.
روح المجتمع بين راكبي الدراجات في السعودية واضحة جدًا. والدردشة الصباحية أشبه بمقهى افتراضي، حيث يطمئن الجميع على بعضهم قبل الانطلاق.
. الانطلاق: شوارع هادئة، وعقل صافٍ

حين تبدأ العجلات بالدوران، غالبًا تكون الساعة حوالي 6:00 صباحًا. الشوارع لا تزال هادئة، والجو لا يزال مقبولًا، والشمس تشرق على المدينة أو الصحراء.
هنا تبدأ لحظة السحر:
- قائمة المهام تختفي
- الإيميلات تنتظر
- الذهن يصفى
- الأرجل تتحرك
- والقلب ينفتح
سواء كانت جولة فردية خفيفة أو رحلة 100 كم مع الأصدقاء هنا تكون اللحظة السحرية.
من شوارع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، إلى كورنيش جدة، أو المرتفعات حول أبها هناك سلام داخلي وقوة لا مثيل لها.
8. لماذا هذا الروتين مهم؟
اللياقة ليست كل شيء. روتين راكب الدراجة السعودي الصباحي مبني على:
- الانضباط: الاستيقاظ قبل الجميع
- الوعي: تجهيز الجسم والمعدات بعناية
- الالتزام: البقاء ضمن مجتمع الدراجين
- الهدف: بدء اليوم بطاقة وتركيز وصفاء
وهذا الروتين يرسم نغمة اليوم بأكمله. فهم قد تجاوزوا أصعب خطوة فعلًا وهي النهوض والظهور، مهما كانت بقية اليوم.
وأخيرًا...
ركوب الدراجة في السعودية لم يعد حكرًا على المحترفين. أصبح أسلوب حياة متسارع التوسع يستهوي الناس من جميع الأعمار والخلفيات.
ورغم أن التفاصيل تختلف بين شخص وآخر، إلا أن الرابط المشترك هو حب الطريق، والرغبة في بدء اليوم بنشاط ومعنى.
في المرة القادمة التي تسمع فيها أحدهم يقول: “ركوب الدراجة مجرد هواية”، تذكّر هذا المقال… وربما جرّب تضبط منبهك على الخامسة صباحًا. من يدري؟ قد تأسر الرحلة قلبك.